فصل: قال الدمياطي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



يريد أبا خبيب وأصحابه، كأنه جعل كل واحد منهم خُبَيْبًا. ونحو منه قولهم: شابَتْ مَفَارِقُه، جعل كل جزء من مفرقِه مفرقًا، ثم جمعه على ذلك. وكذلك: امرأةٌ واضحةُ اللبّات، جعل كل جزء يجاور اللبة لبة. وقال:
يُطِفْنَ بِجَمَّاءِ المَرَافِقِ مِكسال

جمع مرفقيها بما حولها، ومثله ما رويناه عن أبي علي من قوله:
مَرَّتْ بِنا أوَّلَ مِن أُمُوسِ ** تَمِيسُ لِينا مِشْيَةَ الْعَرُوسِ

فسَمَّى كل جزء من أمسِ أمسًا، ثم جمع عليه. ويشهد لوصل ألف إلياس قوله:
أُمَّهَتِي خِنْدِفُ وَالْيَاسُ أَبِي

وتكون لام التعريف هنا- بمنزلتها في اليسع- زائدة؛ لأن الاسم علم وليس بصفة، فيجري مجرى العباس والحارث. قال أبو عثمان: سألت الأصمعي عن قول الشاعر:
وَلَقَدْ جَنيْتُكَ أَكْمُؤًا وَعَساقِلا ** وَلَقَدْ نَهَيْتُكَ عَن بَناتِ الأَوْبَرِ

فقال: الألف واللام هنا زيادة. ولذلك نظائر كثيرة، ولو قيل: إنها لحقت هنا لأنه مصدر، فَشُبِّهَ بالصفة، كالعلاء والفضل لكان وجها.
ومن ذلك قراءة ابن مسعود ويحيى والأعمش، والمنهال بن عمرو والحكم بن عتيبة: {وإنَّ إِدْرِيس} {سَلامٌ عَلَى إِدْرَاسِينَ}.
قال أبو الفتح: روينا عن قطرب عن ابن مسعود: {وإنَّ إدْرَاسَ} و{سَلامٌ عَلَى إدراسِينَ} قال: وجاء عنه: {إِدْرَسِينَ} وكذلك عن قتادة. وقال: وفي بعض القراءة: {إِدْرِيسِينَ}.
قال أبو الفتح: أما ما رواه ابن مجاهد عن ابن مسعود من {إدْرِيسَ} و{إدْرَاسِينَ} فيجب أن يكون من تحريف العرب الكلمَ الأعجمي لأنه ليس من لغتها، فَتُقِلُّ الحَفْل به، وقد ذكرنا مثله.
وقياسه سلام على إدْرِيسِينَ، كما حكاه قطرب، إلا أنه حكاه: {وإن إدْرِيسِينَ} كما ترى.
وأما ما رواه قطرب من {إدْرَاسَ} و{إدْرَاسِينَ} فجمع الصحة، كالياس والياسين. ولو كان جمع تكسير لقال: سلام على الأَدَارِيس، كقولك في قرطاس: قَرَاطِيس، لكنه جمع صحة للتذكير، كالزيدين والقاسمين.
فأما {إِدْرِسِين} فيشبه أن يكون أراد {إِدْرَاسِينَ} إلا أنه استطال الاسم، وجَفَتْ عليه أيضا عجمته؛ فحذف الألف تخفيفا. وإذا كانوا قد حذفوها للتخفيف من نفس كلامهم وسِرّ لغتهم في قولهم في اصْفَارَّ، واحْمَارَّ، واسْوَادَّ، وابْياضَّ: اصْفَرَّ، واحمَرَّ، واسوَدَّ، وابيضَّ، فهم بحذف هذه الألف فيما ليس من لغتهم، ولا ينصرف إليه محاماتهم عنه أجدر بجواز ذلك فيه. نعم، وقد يمكن مع هذا أن تكون هذه الألف في نحو احْمَارَّ واسْوَادَّ إنما حذفت لالتقاء الساكنين، كما زيد في مدها في أكثر اللغة لالتقائهما، وكما همزت في نحو قولهم:
إذَا مَا العَوَالِي بالْعَبِيطِ احْمَأَرَّتِ

فتارة يُسْتَرْوَح من اجتماعها إلى إطالةِ المدّ، وأُخرى إلى الحذف، وأُخرى إلى الهمز، وكل هذا تَفَادٍ من التقاء الساكنين.
وحكى أبو حاتم عن أُبَيّ: {وإن إِيلِيسَ} و{على إِيلِيسِينَ}.
قال: وقال خارجة: بلغنا أن اسمه كان إيليسَ، وإدريس.
ومن ذلك قراءة جعفر بن محمد: {وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ وَيَزِيدُون} وهكذا هي، ليس فيها أو.
قال أبو الفتح: في هذه الآية إعراب حسن، وصنعة صالحة؛ وذلك أنْ يقال: هل لقوله: {ويزيدون} موضع من الإعراب، أو هو مرفوع اللفظ. لوقوعه موقع الاسم حَسْبُ، كقولك مبتدئا: يزيدون؟
والجواب أن له موضعا من الإعراب، وهو الرفع؛ لأنه خبر مبتدإ محذوف، أي: وهم يزيدون على المائة. والواو لعطف على جملة، فهو كقولك: مررت برجل مثل الأسد، وهو والله أشجعُ. ولقيت رجلا جوادا، وهو والله فوق الجواد.
فإن قلت: فقد تقول: لقيت من زيد رجلا كالأسد وأشجعَ منه، فهل يجوز على هذا أن يكون تقديره: وأرسلناه إلى مائة ألف ويزيدون، فيعطف يزيدون على المائة؟ قيل: يفسد هذا؛ لأن {إلى} لا تعمل في {يزيدون} فلا يجوز أن يعطف على ما تعمل فيه {إلى} فكما لا تقول: مررت بيزيدون على المائة فكذلك لا تقول ذلك.
فإن قلت: فقد يجوز في المعطوف ما لا يجوز في المعطوف عليه، كقولنا: رب رجل وأخيه، وكلُّ شاةٍ وسَخْلتِهَا، ومررت برجل صالح أبوه لا طالِحَيْن، ومررت بزيد القائم أبواه لا القاعدين ونحو ذلك. قيل قَدْر المتجوَّز في هذا ونحوه لا يبلغ ما رُمْتَه من تقدير حرف الجر مباشرا للفعل. ألا تراك لا تجيز مررت بقائم يقعد وأنت تريد مررت بقائم وبقاعد؟
فإن قيل: فقدِّر هناك موصوفا محذوفا مجرورا ليكون تقديره: وأرسلناه إلى مائة ألف وجمع يزيدون، على قول الراجز:
جَادَتْ بِكَفَّيْ كانَ مِنْ أَرْمَى الْبَشَرْ

أي: بِكَفَّيْ إنسان كان من أرمى البشر قيل: تقدير مباشرةِ حرف الجر للفعل أشد من تقدير الإضافة إليه. ألا ترى أنه على كل حال قد يضاف إلى الفعل ظروف الزمان وغيره، على كثرة ذلك في أسماء الزمان؟ وينضاف إلى ذلك إفساد المعنى وذلك أنه يصير معناه إلى أنه كأنه قال: وأرسلناه إلى جَمْعَيْن: أحدهما مائة ألف، والآخر زائد على مائة ألف. وليس الغرض والمراد هنا هذا، وإنما الغرض- والله أعلم- وأرسلناه إلى جمع لو رأيتموهم لقلتم أنتم: هؤلاء مائة ألف، وهم أيضا يزيدون. فالجمع إذًا واحد لا جمعان اثنان.
وكذلك قراءة الجماعة: {أَوْ يَزِيدُون} وتقديره أو: هم يزيدون، فحذف المبتدأ لدلالة الموضع عليه كما مضى مع الواو، وأما قول الآخر:
ألا فَالْبَثَا شَهْرَيْنِ أو نِصْفَ ثَالِثٍ ** إلَى ذاكُما ما غَيَّبَتْنِي غَيَابِيَا

فقالوا: معناه أو شهرين ونصف ثالث؛ وذلك أن قوله: أو نصفَ ثالثٍ لا يكون ثالثا حتى يتقدمه شهران، إلا أنه هنا حَذف المعطوف عليه مع حرف العطف جميعا.
وفي قوله سبحانه: {أَوْ يَزِيدُون} وعلى قراءة جعفر بن محمد: {يَزِيدُون} إنما حُذف اسم مفرد، وهو هم. وعلى أنه قد جاء عنهم حَذف الاسم ومعه حرف العطف، وذلك قولهم فيما رُوِّيناه عن أبي بكر محمد بن الحسن عن أحمد بن يحيى: راكب الناقة طَلِيحَان، أي: راكب الناقة والناقة طليحان، فحذف الناقة وحرف العطف معهما. وعلى أنه قد يحتمل ذلك تأويلا آخر، وهو أن يكون أراد: راكب الناقة أحد طليحين، فحذف المضاف، وأقام المضاف إليه مقامه.
والذي عندي في قوله:
ألا فَالْبَثَا شَهْرَيْنِ أو نِصْفَ ثَالِثٍ

أن يكون على حذف المضاف، أي: ألا فالبثا شهرين أو شهرَيْ نصف ثالث، أي: والشهرين اللذين يتبعهما نصف ثالثهما؛ لأنه ليس كل شهرين يؤمر بلبثهما لابد أن يصحبهما نصف ثالثهما، لكن البثا أنتما شهرين، أو الشهرين اللذين يتبعهما في اللبث نصف ثالثهما. وصحت الإضافة فيهما هذا القدر من الوُصلة بينهما. وقد أضافت العرب الأول إلى الثاني لأقلَّ وأخفضَ من هذه الشبْكة بينهما. أنشدَنا أبو علي:
إذَا كَوْكَبُ الخَرْقَاءِ لَاحَ بِسُحْرَةٍ ** سُهَيْلٌ أذاعَتْ غَزْلَهَا فِي الغرائب

قال: فأضاف سهيلا إليها لجِدها في عملها عند طلوعه، وقريب من هذا قول الرجلين بحملان الخشبة- أحدهما لصاحبه-: خذ أنت طرفك، ولآخذ أنا طرفي. وإنما الطرف للخشبة، لا لحاملها، فاعرف كلام القوم تر العجب منه والحكمة البالغة فيه بإذن الله تعالى.
ومن ذلك قراءة الحسن: {إِلَّا مَنْ هُوَ صَالِ الْجَحِيمِ} بضم اللام.
قال أبو الفتح: كان شيخنا أبو علي يحمله على أنه حذف لام {صال} تخفيفا، وأعرب اللام بالضم، كما حذفت لام البالة من قولهم: ما باليت به بالة، وهي البالية، كالعافية والعاقبة.
وذهب قطرب فيه إلى أنه أراد جمع {صال} أي: صالون، فحذف النون للإضافة وبقي الواو في صالو، فحذفها من اللفظ لالتقاء الساكنين، وحمل على معنى {من} لأنه جمع، فهو كقوله: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ} وهذا حسن عندي، وقول أبي علي وجه مأخوذ به.
ومن ذلك قراءة ابن مسعود: {فَإِذَا نُزِلَ بِسَاحَتِهِم}.
قال أبو الفتح: لفظ هذا الموضع على الاستفهام، ومعناه الوضوح والاختصاص؛ وذلك أن الغرض فيه إنما هو: فإذا نزل العذاب بساحتهم، يدل عليه قوله قبله معه: {أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ} فإذا قال: {فَإِذَا نُزِلَ بِسَاحَتِهِم} فلا محالة أن معناه: فإذا نزل عذابنا بساحتهم، فأبهم الفاعل واعتمد ذكر المكان المنزول فيه.
ومثله في المعنى قول الله سبحانه: {وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا} ونحن نعلم أن الله تعالى خالقه. وكذلك {خُلِقَ الْأِنْسَانُ مِنْ عَجَل} ألا ترى إلى قوله: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ خَلَقَ الْأِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ} وقوله عز اسمه: {خَلَقَ الْأِنْسَانَ عَلَّمَهُ الْبَيَان} وقول: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْأِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ} ونظائره كثيرة:
فكذلك قوله تعالى: {فَإِذَا نُزِلَ بِسَاحَتِهِم} على ما شرحناه من حاله، وهذا أحد ما يدلك على أن إسناد الفعل إلى المفعول نحو: ضرب زيد، لم يكن لجهل المتكلم بالفاعل من هو؟ البتة، لكن قد يسند إلى المفعول، ويطرح ذكر الفاعل لأن الغرض إنما هو الإعلام بوقوع الضرب بزيد، ولا غرض معه في إبانة الفاعل من هو؟ فاعرفه. اهـ.

.قال الدمياطي:

سورة الصافات:
مكية.
وآيها مائة وثمانون وآية بصري وأبو جعفر واثنان في غيره.
خلافها أربع:
{من كل جانب} غير حمصي {دحورا ولهم} {وما كانوا يعبدون} غير بصري {وإن كانوا ليقولون} غير أبي جعفر.
مشبه الفاصلة ستة:
{الملأ الأعلى} {أمن خلقنا} {ماذا ترى} {ما تؤمر} {وعلى إسحاق} {الجنة نسبا} .
وعكسه ثلاثة:
{للجبين} {يا إبراهيم} {كيف تحكمون} .
القراآت:
أدغم التاء في الصاد والزاي والذال من والصافات صفا فالزاجرات زجرا فالتاليات ذكرا أبو عمرو بخلفه وحمزة وكذا يعقوب من المصباح.
واختلف في {بزينة الكواكب} الآية 6 فأبو بكر بزينة منونا ونصب {الكواكب} فيحتمل أن تكون الزينة مصدرا والكواكب مفعول به كقوله تعالى {أو إطعام في يوم ذي مسغبة يتيما} والفاعل محذوف أي بأن زين الله الكواكب في كونها مضيئة حسنة في أنفسها أو أن الزينة اسم لما يزان به كالليقة اسم لما تلاق به الدواة فالكواكب حينئذبدل منها على المحل أو نصب باعني أو بدل من السماء الدنيا بدل اشتمال أي كواكب السماء وقرأ حفص وحمزة بتنوين {زينة} وجر {الكواكب} على أن المراد بالزينة ما يتزين به وقطعها عن الإضافة والكواكب عطف بيان أو بدل بعض ويجوز أن تكون مصدرا وجعلت الكواكب نفس الزينة مبالغة وافقهما الحسن والأعمش والباقون بحذف التنوين على إضافة زينة للكواكب إضافة الأعم إلى الأخص فهي للبيان كثوب خز أو من إضافة المصدر إلى مفعوله أي بأن زينا الكواكب فيها كما مر أو لا أو إلى فاعله أي بأن زينتها الكواكب واختلف في {لا يسمعون} فحفص وحمزة والكسائي وخلف بتشديد السين والميم والأصل يتسمعون فأدغمت التاء وافقهم الأعمش والباقون بالتخفيف فيهما وأمال الأعلى حمزة والكسائي وخلف وقلله الأزرق بخلفه وعن الحسن {خطف} بفتح الخاء وتشديد الطاء مكسورة وعنه كسر الخاء أيضا والأصل اختطف فلما أريد الإدغام أسكنت التاء وقبلها الخاء ساكنة فكسرت الخاء لالتقاء الساكنين ثم كسرت الطاء تبعا لكسرة الخاء وبذلك يعلم إشكال قراءته الأولى لأن كسر الطاء إنما كان لكسر الخاء وهو مفقود وقد وجهت على التوهم مع شذوذه بأنهم لما نقلوا حركة التاء إلى الخاء ففتحت توهموا كسرها للساكنين على ما مر فاتبعوا الطاء لحركة الخاء المتوهمة واختلف في {عجبت} الآية 12 فحمزة والكسائي وخلف بتاء المتكلم المضمومة أي قل يا محمد بل عجبت أنا أو أن هؤلاء من رأى حالهم يقول عجبت لأن العجب لا يجوز عليه تعالى على الحقيقة لأنه انفعال النفس من أمر عظيم خفي سببه وإسناده له تعالى في بعض الأحاديث مؤول بصفة تليق بكماله مما يعلمه هو كالضحك والتبشبش ونحوهما فاستحالة إطلاق ما ذكر عليه تعالى محمولة على تشبيهها بصفات المخلوقين وحينئذ فلا إشكال في إبقاء التعجب هنا على ظاهره مسندا إليه تعالى على ما يليق به منزها عن صفات المحدثين كما هو طريق السلف الأسلم الأسهل وافقهم الأعمش والباقون بفتحها والضمير للرسول أي بل عجبت من قدرة الله تعالى هذه الخلائق العظيمة وهم يسخرون منك مما تريهم من آثار قدرة الله تعالى أو من إنكارهم البعث مع اعترافهم بالخالق وقرأ {أإذا متنا} {أإنا لمبعوثون} الآية 16 بالاستفهام في الأول والإخبار في الثاني نافع والكسائي وأبو جعفر ويعقوب وقرأ ابن عامر بالإخبار في الأول والاستفهام في الثاني والباقون بالاستفهام فيهما وكل من استفهم فهو على أصله فقالون وأبو عمرو وأبو جعفر بالتسهيل والفصل بالألف وورش وابن كثير ورويس كذلك لكن بلا فصل والباقون بالتحقيق بلا فصل غير أن أكثر الطرق عن هشام على الفصل كما مر وجواب أئذا على الاستفهام محذوف أي نبعث ويدل عليه لمبعوثون قاله في البحر وقرأ {متنا} معا بكسر الميم نافع وحفص وحمزة والكسائي وخلف كما مر بآل عمران واختلف في أو آباؤنا هنا والواقعة فقالون وابن عامر وأبو جعفر بإسكان الواو فيهما على أنها العاطفة التي لأحد الشيئين وقرأ الأصبهاني كذلك فيهما إلا أنه ينقل حركة الهمزة بعدها إلى الواو على قاعدته والباقون بفتحها فيهما على أن العطف بالواو أعيدت معها همزة الإنكار وآباؤنا عليهما مبتدأ خبره محذوف أي مبعوثون لدلالة ما قبله عليه قاله أبو حيان وتعقب الزمخشري حيث جعله عطفا على محل أن واسمها أو على ضمير مبعوثون وقرأ {نعم} بكسر العين الكسائي ومر بالأعراف وقرأ {صراط} الآية 23 بالسين قنبل بخلفه ورويس وبالإشمام خلف عن حمزة ويوقف لحمزة على مسؤولون بوجه واحد وهو نقل حركة الهمزة إلى السين وأما بين بين فضعيف جدا كما في النشر وقرأ: {لا تناصرون} بتشديد التاء وصلا البزي بخلفه وأبو جعفر كما مرت موافقته للبزي بالبقرة كرويس في نارا تلظى بالليل ويشبع المد للساكنين وقرأ {قيل} بالإشمام هشام والكسائي ورويس وسهل الثانية من أئنا لتاركوا مع الفصل قالون وأبو عمرو وأبو جعفر وبلا فصل رويس وورش وابن كثير والباقون بالتحقيق بلا فصل ما عدا هشاما من طريق الحلواني من طريق ابن عبدان فبالفصل وكذا الحكم في أئنك لمن أئفكا إلا أن ابن بليمة وابن شريح في جماعة ذكروا الفصل فيهما عن هشام من طريق الحلواني بلا خلاف فيهما من السبعة وعن الحسن وصدق بتخفيف الدال المرسلون رفعا بالواو فاعلا به وقرأ {المخلصين} بفتح اللام نافع وعاصم وحمزة والكسائي وأبو جعفر وخلف وأبدل همز بكأس أبو عمرو بخلفه وأبو جعفر ولم يبدلها ورش من طريقيه.
وأمال {للشاربين} ابن ذكوان من طريق الصوري وفتحها من طريق الأخفش كالباقين.
واختلف في {ينزفون} الآية 47 هنا والواقعة الآية 19 فحمزة والكسائي وخلف بضم الياء وكسر الزاي في الموضعين من أنزف الرجل ذهب عقله من السكر أو نفد شرابه وافقهم الأعمش وقرأ عاصم كذلك في الواقعة فقط للأثر والباقون بضم الياء وفتح الزاي فيهما من نزف الرجل ثلاثيا مبنيا للمفعول بمعنى سكر وذهب عقله أيضا أو من قولهم نزفت الركية نزحت ماءها أي لا تذهب خمورهم بل هي باقية أبدا وبه قرأ عاصم هنا وقرأ {أئذا متنا أئنا لمدينون} الآية 36 بالاستفهام في الأول والإخبار في الثاني نافع والكسائي ويعقوب وقرأ ابن عامر وأبو جعفر بالإخبار في الأول والاستفهام في الثاني والباقون بالاستفهام فيهما والمستفهم على أصله فقالون أبو عمرو وأبو جعفر بالتسهيل والفصل وورش وابن كثير ورويس بالتسهيل بلا فصل والباقون بالتحقيق بلا فصل إلا أن أكثر الطرق عن هشام على الفصل وعن ابن محيصن مطلعون بسكون الطاء فأطلع بقطع الهمزة مضمومة وسكون الطاء وكسر اللام مبنيا للمفعول وأما حكم إمالة فرآه فسبق قريبا أول فاطر عند فرآه حسنا وأثبت الياء وصلا في لتردين ورش وفي الحالين يعقوب ويوقف لحمزة على رؤوس بالتسهيل بين بين وبالحذف وهو الأولى عند الآخذين بالرسم وعلى مالئون بثلاثة أوجه التسهيل كالواو والحذف مع ضم اللام وإبدال الهمزة ياء وغير ذلك لا يصح كما مر قريبا في متكؤون بيس وقرأ بحذفها مع ضم اللام كالوجه الثاني أبو جعفر وأدغم دال ولقد ضل ورش وأبو عمرو وابن عامر وحمزة والكسائي وخلف ومر حكم المخلصين آنفا وآمال نادينا حمزة والكسائي وخلف وقلله الأزرق بخلفه وأدغم ذال إذ جاء أبو عمرو وهشام وتقدم قريبا حكم أئفكا واختلف في {يزفون} الآية 94 فحمزة الياء من أزف الظليم وهو ذكر النعام دخل في الزفيف وهو الإسراع فالهمزة ليست للتعدية وافقه الأعمش والباقون بفتحها من زف الظليم عدا بسرعة وأثبت الياء في {سيهدين} في الحالين يعقوب وقرأ {يا بني} بفتح الياء حفص ومر بهود وفتح ياءي {إني أرى أني أذبحك} نافع وابن كثير وأبو عمر وأبو جعفر.
واختلف {في ماذا ترى} الآية 102 فحمزة والكسائي وخلف بضم التاء وكسر الراء وبعدها ياء أي ماذا تريه من صبرك أو أي شيء الذي ترينه أي ماذا تحملني عليه من الاعتقاد فالمفعولان محذوفان وافقهم الأعمش والباقون بفتح الياء والراء وألف بعدها من رأى اعتقد أو أمر لا من رأى أبصر ولا علم ويتعدى لواحد فما استفهام ركبت مع ذا مفعوله أو ما بمعنى أي شيء مبتدأ واذا بمعنى الذي خبره وترى صلته والعائد محذوف أي شيء الذي تراه.
وأمال فتحة الراء أبو عمرو وابن ذكوان بخلفه وقلله الأزرق وقرأ {يا أبت} الآية 102 بفتح التاء ابن عامر وابو جعفر ومر بيوسف ووقف عليه بالهاء ابن كثير وابن عامر وأبو جعفر ويعقوب وفتح ياء ستجدني إن نافع وأبو جعفر وعن الحسن والمطوعي أسلما بحذف الألف الأولى وتشديد اللام أي فوضا وأدغم دال وقد صدقت أبو عمرو وهشام وحمزة والكسائي وخلف وأمال الرؤيا الكسائي فقط وقلله أبو عمرو والأزرق بخلفهما وقرأ أبو جعفر بقلب همزة ياء وإدغامها في الياء بعدها وأبدل همزة واوا ساكنة الأصبهاني وأبو عمرو بخلفه كوقف حمزة على القياسي وعلى الرسمي بالقلب والإدغام كقراءة أبي جعفر ونقل جوازه في النشر عن الهذلي وغيره ثم رجح الإظهار وأما الحذف فضعيف ويوقف له كهشام بخلفه على لهو البلؤا ونحوه مما رسم بالواو باثني عشر وجها بينت أول الأنعام وقرأ {نبيئا} بالهمز نافع وضم الهاء من عليهما يعقوب.
واختلف في {وإن إلياس} الآية 123 فابن عامر بخلاف عنه بوصل همزة إلياس فيصير اللفظ بلام ساكنة بعد إن ويبتدىء بهمزة مفتوحة وافقه ابن محيصن من المفردة والحسن والباقون بقطع الهمزة مكسورة بدا ووصلا وبه قرأ ابن عامر في وجهه الثاني وروى الوجهين الكارزيني عن المطوعي عن محمد بن القاسم عن ابن ذكوان وذكرهما في الشاطبية له كذلك وكذا رواه أبو الفضل الرازي عن ابن عامر بكماله وأكثرهم على استثناء الحلواني فقط عن هشام وأطلق الخلاف عن هشام وابن ذكوان في الطيبة قال في النشر وبهما أي الوصل والقطع آخذ في رواية ابن عامر اعتمادا على نقل الثقات واستنادا إلى وجهه في العربية وثبوته بالنص انتهى ووجه القراءتين أن إلياس اسم أعجمي سرياني تلاعبت به العرب فقطعت همزته تارة ووصلتها أخرى والأكثر على وجه الوصل أن أصله ياس دخلت عليه أل المعرفة كما دخلت على اليسع ويبنى على الخلاف حكم الابتداء فعلى الأول يبتدأ بهمزة مكسورة وعلى الثاني بهمزة مفتوحة وهو الصواب كما في النشر قال لأن وصل همزة القطع لا يجوز إلا ضرورة ولنصبهم على الفتح دون غيره واختلف في نصب {الله ربكم ورب} [الآية 126] فحفص وحمزة والكسائي ويعقوب وخلف بنصب الأسماء الثلاثة فالأول بدل من أحسن وربكم نعته ورب عطف عليه وافقهم الأعمش والباقون برفع الثلاثة على أن الجلالة الكريمة مبتدأ وربكم خبره ورب عطف عليه أو خبر هو ومر ذكر المخلصين في السورة.
واختلف في {إل ياسين} [الآية 130] فنافع وابن عامر ويعقوب بفتح الهمزة وكسر اللام وألف بينهما وفصلها عما بعدها فأضافوا آل إلى ياسين فيجوز قطعها وقفا والمراد ولد ياسين وأصحابه والباقون بكسر الهمزة وسكون اللام بعدها ووصلها بما بعدها كلمة واحدة في الحالين جمع إلياس المتقدم باعتبار أصحابه كالمهالبة في المهلب وبنيه أو على جعله اسما للنبي المذكور وهي لغة كطور سيناء وسينين وهي حينئذ كلمة واحدة وإن انفصلت رسما فلا يجوز قطع أحديهما عن الأخرى ويمتنع اتباع الرسم فيها وقفا ولم يقع لها نظير.
واختلف في {أصطفى} [الآية 153] فالأصبهاني عن ورش وابو جعفر بوصل الهمزة في الوصل على حذف همزة الاستفهام للعلم بها والابتداء في هذه القراءة بهمزة مكسورة والباقون بهمزة مفتوحة في الحالين على الاستفهام الإنكاري وأماله وقفا حمزة والكسائي وخلف وقلله الأزرق بخلفه وقرأ {تذكرون} بتخفيف الذال حفص وحمزة والكسائي وخلف ووقف على صال الجحيم بالياء يعقوب وعن الحسن صال بضم اللام بلا واو وعنه بالواو ومر حكم المخلصين وأدغم دال ولقد سبقت أبو عمرو وهشام وحمزة والكسائي وخلف المرسوم اتفقوا على حذف ألف يهرعون وعلى كتابة إيتا بالياء وفي العراقية أيفكا بالياء واتفقوا على كتابة لهو البلؤا بواو وألف بعدها وعلى كتابة آل ياسين بقطع اللام من الياء واتفقوا على قطع أم عن من في أم من خلقنا ياءات الإضافة ثلاث {إني أرى} [الآية 102] {أني أذبحك} [الآية 102] {ستجدني إن} [الآية 102] وزائدتان {سيهدين} الآية 99 {لتردين} الآية 56. اهـ.